خطبة الجمعة القادمة بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 27 شعبان 1445هـ ، الموافق 8 مارس 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م بصيغة word بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م بصيغة pdf بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام.
أولاً: الشهادةُ منحةٌ ربانيةٌ وغنيمةٌ إلهيةٌ.
ثانيـــًـا : الشهيدُ عندَ اللهِ وفضائلُهُ.
ثالثـــًـا وأخيرًا: رمضانُ على الأبوابِ !!!
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 مارس 2024م بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام : كما يلي:
يومُ الشهيدِ وتاريخُ الشهداءِ العظامِ
د. محمد حرز بتاريخ: 27 شعبان1445هــ –7 مارس 2024م
الحمدُ للهِ القائلِ في مُحكمِ التنزيلِ: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾( الأحزاب:23)، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في حديثِ عبدِاللهِ بن عباسٍ رضى اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله) رواه الترمذي )، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِه الأخيارِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلي يومِ الدينِ .أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (آل عمران :102.
عبادَ اللهِ : (( يومُ الشهيدِ وتاريخُ الشهداءِ العظامِ )) هو عنوانُ وزارتِنا وعنوانُ خطبتِنا
عناصرُ اللقاء:
أولاً: الشهادةُ منحةٌ ربانيةٌ وغنيمةٌ إلهيةٌ.
ثانيـــًـا : الشهيدُ عندَ اللهِ وفضائلُهُ.
ثالثـــًـا وأخيرًا: رمضانُ على الأبوابِ !!!
………
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
أولاً: الشهادةُ منحةٌ ربانيةٌ وغنيمةٌ إلهيةٌ.
أيُّها السادةُ : بدايةً الشهادةُ مِن أعظمِ الرتبِ، وأعلاهَا، وأشرفِهَا ومِن أنفسِ المقاماتِ، وأحسنِهَا، وأبهاهَا؛ لِمَا لأهلِهَا عندَ اللهِ جلَّ وعلا مِن الأجرِ العظيمِ، والثوابِ الجزيلِ، والدرجةِ العاليةِ، والشهادةُ في سبيلِ اللهِ اصطفاءٌ مِن اللهِ جلَّ جلالهُ وتقدستْ أسماؤهُ واجتباءٌ ليستْ لجميع البشرِ، فالشهادةُ منحةٌ ربانيةٌ وغنيمةٌ إلهيةٌ يختصُ اللهُ بها مَن يشاءُ مِن عبادهِ قال جلَّ وعلا: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾(آل عمران: 140)، وكيف لا ؟ والشهداءُ في المرتبةِ الثالثةِ بعدَ النبيينَ والصديقينَ، كما قالَ ربُّنَا: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (النساء:69(، والشهادةُ في سبيلِ اللهِ تجارةٌ رابحةٌ لن تبورَ، ولمَ لا ؟! وقد علّقَ اللهُ عليها مغفرةَ الذنوبِ، والنصرَ في الدنيا والنجاةَ مِن النارِ والفوزَ بالجنةِ في الآخرةِ، قالَ جلَّ وعلا: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ [سورة التوبة: 111] لمّا سمعَ أعرابيٌّ هذه الآيةَ، قال: كلامُ مَن هذا؟ فقالوا: كلامُ اللهِ فقالَ: على مَن نزلَ؟ فقالوا: على مُحمدٍ بنِ عبدِ اللهِ ﷺ فقال الأعرابيُّ: اذهبُوا بِي إليهِ، فذهبُوا بهِ إلى المختارِ ﷺ، فقال: يا رسولَ اللهِ إنْ بعتُ نفسِي ومالي أدخلُ الجنةَ؟ فقال النبيُّ ﷺ: نعم، إنْ قُتلتَ في سبيلِ اللهِ وأنتَ صابرٌ، محتسبٌ مقبلٌ غير مدبرٍ فنادَي منادِي الجهادِ أنْ يا خيلَ اللهِ اركبِي، فالتحقَ بجيشِ المسلمين، وجاهدَ في سبيلِ اللهِ، وانتصرَ الجيشُ، وجاء دورُ الغنائمِ، انتبهُوا يا مسلمون فلمَّا أُوتِي لهُ بنصيبِهِ مِن الغنائِم قال: ما هذا ؟ قالوا: نصيبكَ، فقال الرجلُ: ومَن الذي أرسلكُم بهِ؟ فقالوا: رسولُ اللهِ ﷺ، فقال: اذهبوا بِي إليهِ، فلمَّا مَثُلَ بينَ يدَيِ النبيِّ المختارِ ﷺ وضعَ نصيبَهُ أمامَهُ، وقال: يا رسولَ اللهِ ما على هذا اتبعتُك ؟ فقال له النبيُّ المختارُ ﷺ علام اتبعتنِي ؟ فقال الرجلُ :على أن أُرْمَي بسهمٍ هاهنا فيخرجُ مِن هاهنا فأقتلُ في سبيلِ اللهِ .فقال النبيُّ المختارُ ﷺ: ( إنْ صدقتَ اللهَ صدقَك )، فنادي منادِ الجهادِ أنْ يا خيلَ اللهِ اركبِي فنزلَ الرجلُ المعركةَ، فضُربَ بسهمٍ في المكان الذي أشارَ إليه بيدهِ للمصطفَي ﷺ فسألَ النبيُّ ﷺ عنه فقالَ أهو هو ؟ فقالوا نعم فقالَ النبيُّ المختارُ ﷺ اللهُمّ أنّي أشهدُكَ أنّهُ ماتَ شهيدًا وحملَهُ النبيُّ ﷺ بين يديهِ، ثم قال صَدَقَ اللهَ فَصَدَقَهُ)) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا (سورة الأحزاب: 23 .
والشهادةُ الحقيقيةُ ما كانتْ خالصةً لوجهِ اللهِ الكريمِ كما في حديثِ أبي موسَى الأشعرِي رضى اللهُ عنه قال: قالَ أَعْرَابِيٌّ للنبيِّ ﷺ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، ويُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَن في سَبيلِ اللَّهِ؟ فَقال: مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا، فَهو في سَبيلِ الله) صحيح البخاري.لذا مَن سألَ اللهَ الشهادةَ بنيةٍ صافيةٍ كان مِن أهلِها وإنْ ماتَ على فراشِهِ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديث سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ،وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ » صحيح مسلم((
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
ثانيـــًـا : الشهيدُ عندَ اللهِ وفضائلُهُ.
أيُّها السادة: الشهيدُ مَن ماتَ في سبيلِ اللهِ، والشهيدُ مَن قَاتلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا، والشهيدُ مَن ماتَ للمحافظةِ على وطنهِ وأرضهِ وعرضهِ، والشهيدُ هو الذي يأبَى الدنيّةَ في دينهِ، ويَرفضُ المذلةَ والهوانَ، فاللهُ – جلَّ جلاله – جعلَ العزةَ للمؤمنين، فإذا حاولَ أحدٌ أنْ يستذلَّكَ فدافِع، إذا حاولَ أحدٌ أنْ يجتاحَ حقكَ فقاوِم، إذا حاولَ أحدٌ ضياعَ وطنِكَ فجاهِد، فالشهيدُ هو مَن قُتِلَ دفاعًا عن دينهِ أو نفسهِ أو أهلهِ أو عرضهِ أو مالهِ، والوطنُ فيه الأهلُ والعرضُ والمالُ، فالدفاعُ عنه مِن أكرمِ الطاعاتِ منزلةً، وأرفعهَا مكانةً، وأكثرهَا بذلاً وعطاءً، وأخلدهَا ذكرًا وثناءً، وقد كان عليه الصلاةُ والسلامُ أسرعَ الناسِ إلى الدفاعِ عن وطنهِ، والذودِ عنهُ، فحينَ فزعَ أهلُ المدينةِ ذاتَ ليلةٍ، انطلقَ الناسُ نحوَ الصوتِ، فتلقاهُم رسولُ اللهِ ﷺ راجعًا، وقد سبقَهُم إلى الصوتِ، والشهيدُ الحقُّ مَن ماتَ في سبيلِ اللهِ دفاعًا عن دينهِ وطنهِ ودفاعًا عن عرضهِ أو دفاعًا عن مالهِ فعن سعيدِ بنِ زيدٍ رضى اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ )مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ ( رواه الترمذي، وسببُ تسميةِ الشهيدِ شهيدًا:ــ للعلماءِ في ذلك أقوالٌ شتَّى منها :قيلَ: لأنَّهُ حيٌّ، فكأنّ أرواحَهُم شاهدةٌ أي حاضرةٌ. وقيلَ: لأنّ اللهَ ورسولَهُ وملائكتَهُ يشهدونَ له بالجنةِ ، وقيل: لأنَّه يشْهَدُ (يَرى) عندَ خروجِ روحهِ ما أُعدَّ له مِن الكرامةِ، وقيل: لأنَّه يُشْهَدُ له بالأمانِ مِن النارِ. وقيل: لأنَّ ملائكةَ الرحمةِ تشهدهُ عندَ موتهِ. وتشهدُ له بحسنِ الخاتمةِ، وقيل: لأنَّهُ يشاهدُ الملائكةَ عندَ احتضارِه، وقِيلَ لأنَّ اللهَ يشهدُ له بحسنِ نيتهِ وإخلاصهِ، وقيل: لأنَّهُ الذي يشهدُ يومَ القيامةِ بإبلاغِ الرسلِ، وها هو نبيُّنَا ﷺ في يومٍ مِن الأيامِ يطرحُ علي أصحابِهِ سؤالًا ليغيرَ المفاهيمَ ، ليصححَ الأمورَ، فقالَ ﷺ كما في صحيحِ مسلمٍ من حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَال: ما تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، مَن قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، قالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقَلِيلٌ، قالوا: فمَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في سَبيلِ اللهِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في الطَّاعُونِ فَهو شَهِيدٌ، ومَن ماتَ في البَطْنِ فَهو شَهِيدٌ)) – لعلمِهِ ﷺ أنَّ الناسَ يُحبونَ الدنيَا ويخافونَ مِن الموتِ، ثم يأتي حديثٌ آخرٌ عن المرأةِ النفساءِ التي تموتُ في نفاسِهَا فهي شهيدةٌ، والحريقُ شهيدٌ والغريقُ شهيدٌ، وصاحبُ الهدمِ الذي يقعُ عليه الهدمُ شهيدٌ، فعنْ أبي هُرَيْرةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ– ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه (متفقٌ عليه). المقتولُ دونَ مظلمتِهِ: عن سُوَيْدِ بنِ مُقَرِّن ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: ((مَن قُتل دونَ مَظلمتهِ، فهو شهيدٌ) (رواه النسائي)).
وللشهيدِ عند اللهِ منزلةٌ عظيمةٌ، ولهُ فضائلُ كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرِها منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:
الشهداءُ أحياءٌ عند خيرِ جوارٍ فأيُّ نعيمٍ بعدَ هذا النعيمِ ، أحياءٌ وليسوا أمواتًا قال ربُّنا: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ (البقرة: 154).بل الشهداءُ هم أصحابُ الأجورِ الوفيرةِ العظيمةِ، والنورِ التامِ يومَ القيامة قال جلَّ وعلا:﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾(الحديد:19 ).لذا تمنى نبيُّنَا ﷺ أنْ يكونَ شهيدًا، وأنْ يُقتلَ في سبيلِ اللهِ مراتٍ ومراتٍ: لفضلِ ولمكانةِ الشهيدِ عندَ اللهِ جلَّ وعلا فعن أبِي هريرةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: ((والذي نفسِي بيدهِ، وددتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيل الله فأُقتلُ، ثم أُحيا ثم أُقتلُ، ثم أُحيا ثمَّ أُقتلُ))؛ متفق عليه لذا كان الشهيدُ وحدهُ هو الذي يحبُّ أنْ يرجعَ إلى الدنيا, فيُقتلُ في سبيل الله مراتٍ ومرات. يقولُ النبيُّ ﷺ :«ما أحَدٌ يدخلُ الجنَّةَ، يحبُّ أنْ يرجِعَ إلى الدُّنيا ولَهُ ما علَى الأرضِ مِن شيءٍ إلَّا الشَّهيدُ يتمنَّى أنْ يرجعَ إلى الدُّنيا فيُقتلَ عَشرَ مرَّاتٍ ، لما يَرى منَ الكَرامةِ» رواه البخاري..وفي سننِ الترمذيِّ بسند حسنٍ ( أنّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لِي : « يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ ». قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِى قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا. قَالَ: « أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِىَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا“ فَقَالَ يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَىَّ أُعْطِكَ. قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيةً.
وكيف لا ؟ وللشهيدِ في الجنةِ مائةُ درجةٍ بين كلِّ درجةٍ كما بينَ السماءِ والأرضِ فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: ((إنَّ في الجنةِ مائةَ درجةٍ أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماءِ والأرضِ))؛ رواه البخاري.
وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: ((رِباطُ يومٍ في سبيلِ اللهِ خيرٌ مِن الدنيَا وما عليهَا))، وعندَ مسلمٍ: ((لَغدوةٌ في سبيل اللهِ خيرٌ مِن الدنيا وما عليها))؛ رواه البخاري.
ومن فضائلِ الشهادةِ في سبيل الله : أنّ الشهيدَ يُغفرُ له ذنوبُه ورائحةُ دمهِ مسكٌ يومَ القيامةِ: روى الترمذيٌّ بسندٍ صحيحٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ « لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ《
ومِن فضائلِ الشهادةِ أيُّها السادةُ: أنّ الشهيدَ لا يفتنُ في قبرهِ فعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيد قَالَ : كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً (( رواه النسائي.
ومِن فضائلِ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ أنَّ الشهيدَ لا يشعرُ بالألمِ عندَ موتهِ: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَة((رواه الترمذيُّ.
والشهداءُ لا يُصعقونَ مِن النفخِ في الصُّورِ:فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه عن النبيِّ ﷺ أنَّه سألَ جبريلَ عليه السلامُ عن هذه الآيةِ: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ (الزمر: 68): ((مَن الذين لم يَشأ اللهُ أنْ يصعقَهُم؟ قال: هم شُهداءُ اللهِ))(رواه الحاكم(. ولا زالت قوتنا المسلحة والشرطة المصرية تقدم لنا الشهداء في كل يوم للمحافظة على أمن مصر واستقرارها بالليل والنهار كما كانت في معركة العبور ففي معركةِ السادسِ من أكتوبر العاشرِ من رمضانَ ضربَ لنا أبطالُ قواتِنَا المسلحةِ البواسلِ وأبطالُ الشرطةِ البواسلِ، أروعَ الأمثلةِ وأعظمَهَا في الحفاظِ على الوطنِ والدفاعِ عنه والتضحيةِ من أجلهِ والموتِ في سبيلهِ، وسطرُوا التاريخَ بدمائِهم الذكيةِ العطرةِ ولايزالونَ يقدمونَ أعظمَ وأروعَ الأمثلةِ في الحفاظِ علي وطنهِم والدفاعِ عنه وحمايةِ أمنهِ واستقرارِهِ ضدَّ كلِّ غاشمٍ يريدُ النيلَ منها ومِن شعبِهَا الأبيِّ وأرضِهَا المباركةِ .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
ثالثـــًـا وأخيرًا: رمضانُ على الأبوابِ !!!
أيُّها السادةُ :رمضانُ على الأبوابِ، وكلُّ عامٍ وأنتُم بخيرٍ، بل أنتُم الخيرُ لكلِّ عامٍ، رمضانُ على الأبوابِ والمسلمونَ ينتظرونَ شهرَ رمضانَ مِن السنةِ إلى السنةِ طمعًا في الرحمةِ والمغفرةِ والعتقِ مِن النارِ، وتبدأُ العباداتُ بحماسٍ شديدٍ, وتُنزعُ الأتربةُ مِن فوقِ المصاحفِ المتروكةِ طوالَ السنةِ لنبدأَ في قراءتهِ، وخاصةً ونحنُ على أعتابِ شهرِ رمضانَ، ومِن الواجبِ على الدعاةِ أنْ يهيئُوا النفوسَ الشاردةَ وأنْ يُوقظُوا القلوبَ الغافلةَ لاستقبالِ هذا الشهرِ الكريمِ وهذا الموسمُ العظيمُ أنَّهُ ربيعُ أمةِ سيدِ النبيينَ صلَّى اللهُ عليه وسلم، جاءَ رمضانُ بمَا فيهِ مِن خيرٍ وبركةٍ, جاءَ رمضانُ يحملُ البشرياتِ للعاملين، جاءَ رمضانُ فرصةً للعابدينَ، جاءَ رمضانُ ليرفعَ في الجنةِ درجاتِ المحبين، جاءَ رمضانُ ليغسلَ ذنوبَ التائبينَ النادمينَ، جاءَ رمضانَ فهلْ مِن مشمرٍ إلى الجنةِ، جاءَ رمضانُ فهلْ مِن تائبٍ، فهلْ مِن نادمٍ، فهلْ مِن مستغفرٍ، فهلْ مِن عادٍ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ.
رمضانُ على الأبوابِ مَا أشبهَ الليلةُ بالبارحةِ .. هكذا الأيامُ تمرُّ سريعةً وكأنَّهَا لحظاتٌ ..استقبلنَا رمضانَ الماضيِ .. ثم ودعنَاهُ .. وما هي إِلّا أشهرٌ مرَّتْ كساعاتٍ .. فإذَا بنَا نستقبلُ شهرًا آخرَ ..وكمْ عرفنَا أقوامًا .. أدركُوا معنَا رمضانَ أعوامًا ..وهُم اليومَ مِن سكانِ القبورِ .. ينتظرونَ البعثَ والنشورَ ..وربَّمَا يكونُ رمضانُ هذا لبعضِنَا آخرَ رمضانَ يصومهُ ..
إنَّ إدراكنَا لرمضانَ .. نعمةٌ ربانيةٌ .. ومنحةٌ إلهيةٌ ..فهو بشرَى .. تساقطتْ لهَا الدمعاتُ .. وانسكبتْ العبراتُ ..أقبلَ رمضانُ بفضائلهِ ، و فوائدهِ ، و نفحاتهِ …أقبلَ رمضانُ بأنفاسهِ العطرةِ، ووجههِ المُشرقِ …أقبلَ رمضانُ وهو يُنادِي : يا باغِيَ الخيرِ أقبلْ .. ويا باغيَ الشرِّ أقصرْ
أقبلَ رمضانُ وهو يصرخُ محذرًا: خابَ وخسرَ مَنْ أدركَ رمضانَ ولم يُغفرْ لهُ، أقبلَ رمضانُ فتفتحتْ أبوابُ الجنانِ … وغُلقتْ أبوابُ النيرانِ، و سُلسلتْ الشياطينُ .. أقبلَ رمضانُ و المسلمونَ يتشوقونَ إلى صيامِ نهارهِ و قيامِ ليلهِ ..فيَا لهُ مِن شهرٍ عظيمٍ .. وموسمٍ كريمٍ .. و تجارةٍ رابحةٍ لن تبورَ ……… أقبلَ رمضانُ فماذَا أنتُم فاعلون ؟
يا ذَا الذي ما كفاهُ الذنبُ في رجبٍ *** حتَّى عصَى ربَّهُ في شهرِ شعبانَ
لقد أظلَّكَ شهرُ الصومِ بعدهُمَا ** فلا تُصَيِّرْهُ أيضًا شهرَ عصيانَ
واتلُ القُرَآنَ وسبحْ فيهِ مجتهدًا *** فإنَّهُ شهرُ تسبيحٍ وقرآنِ
كمْ كنتَ تعرفُ مِمَن صامَ في سَلَفٍ *** من بينِ أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أفناهمُ الموتُ واستبقاكَ بعدهمُ*** حَيًّا فما أقربَ القاصِي مِن الدانِي
أقبلَ رمضانُ فماذَا أنتُم فاعلون ؟ أيُّها السادةُ: المؤمنُ يفرحُ بقدومِ شهرِ رمضانَ, والمنافقُ يتأذًّي كلَّ الأذَى بقدومِ شهرِ رمضانَ ,لماذِا لأنَّ المؤمنَ الحقيقيَّ يفرحُ بمواسمِ الخيراتِ لأنَّ المؤمنَ الصادقَ لا يفرحُ بالمالِ ولا بالجاهِ ولا بالمنصبِ فحسب وإنَّما يفرحُ بفضلِ اللهِ، وهلْ هناكَ فضلٌ يفوقٌ فضلَ رمضان، قالَ جل وعلا { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }58 قالَ ابنُ رجب – رحمه اللهُ-: وكيفَ لا يُبشّرُ المؤمنُ بفتحِ أبوابِ الجنانِ؟ وكيفَ لا يُبشّرُ المذنبُ بغلقِ أبوابِ النيرانِ؟ وكيفَ لا يُبشّرُ العاقلُ بوقتٍ يُغلُّ فيه الشيطانُ، ومِن أينَ يشبهُ هذا الزمانُ زمانَ؟ ففضلُ رمضانَ عظيمٌ فهو شهرُ الطاعاتِ شهرُ الرحماتِ شهرُ المغفرةِ شهرُ العتقِ مِن النارِ شهرٌ لهُ طابعٌ خاصٌّ في قلوبِ المؤمنينَ الموحدينَ باللهِ جلَّ وعلا .
لذَا نادَي اللهُ على أهلِ الإيمانِ بنداءِ الكرامةِ، فقالَ جلَّ جلالُهُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }سورة البقرة 183
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …وبعدُ
أيُّها السادةّ: ضيفٌ عزيزٌ أقبلَ فبأيِّ شيءٍ استقبلنَاُه ؟ وهذا ضيفٌ كريمٌ مِن عندِ اللهِ الواحدِ الديانِ أقبلَ فبأيِّ شيءٍ استقبلنَاهُ هل احتشمتْ النساءُ؟ هل أطاعتْ المرآةُ كلامَ ربِّهَا ونبيِّهَا وأطاعتْ زوجَهَا ؟ هل حافظنَا على الصلاةِ؟ هل أخرجنَا زكاةَ أموالِنَا ؟ هل أمرنَا بالمعروفِ ؟ هل نهينَا عن المنكرِ ؟ هل أعلنَّا كلمةَ القرآنِ ؟ هل تصالحنَا مع الجيرانِ ؟ هل وصلنَا الأرحامَ ؟هل تعاونَّا على البرِّ والتقوى ………هل سنترُكُ رمضانَ يأتي غريبًا ويعودُ غريبًا كما جاءَ ولا نصححُ مِن أحوالِنِا ولا نغيرّ مِن أفعالِنَا؟ وهل سيشهدُ رمضانُ لنَا أمْ سيشهدُ علينَا ؟
فرمضانُ ليس شهرَ نومٍ و كسلٍ وخمولٍ إنِّمِا شهرُ طاعةٍ وعبادةٍ للهِ ربِّ الأرضِ والسماءِ لذا يجبُ أنْ نستعدِّ لرمضانَ بعملِ صلحٍ مع مَن ؟ صلحٍ مع اللهِ، صلحٍ مع الناسِ، وصلحٍ مع النفسِ ؟ صلحٌ مع اللهِ أنْ تأتيَ ما أمرَكِ بهِ اللهّ وتجتنبَ ما نهاكَ عنهُ فلا صلاحَ للأمةِ إلّا إذَا اصطلحتْ الأمةُ مع اللهِ ولا صلاحَ للأمةِ إلّا إذَا اصطلحتْ الأمةُ مع رسولِ اللهِ نستقبلُ رمضانَ بفتحِ صفحةٍ بيضاءَ مشرقةٍ مع اللهِ سبحانَهُ وتعالَى بالتوبةِ الصادقةِ بالتوبةِ النصوحِ {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]
تُبْ إلى اللهِ مِن الذنوبِ والمعاصي، تبْ إلى اللهِ مِن تضييعِ الأوقاتِ، تبْ إلى اللهِ مِن آفاتِ اللسانِ حتى قلبكَ يحتاجُ إلى توبةٍ؟ فتبْ إلى ربِّكَ، واندمْ على ما فعلتَ فاللهُ كريمٌ يقبلُ توبةَ التائبينَ، ويغفرُ ذنوبَ المستغفرينَ .. ويمحُو سيئاتِ النادمينِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) سورة [التحريم:8
تبْ إلى اللهِ مِن التدخين، فرصةٌ أيُّها المدخنُ قد لا تتكرر، واندمْ على ما فرطتَ في جنبِ اللهِ قبلَ فواتِ الأوانِ، تبْ إلى اللهِ يا مَن غفلتَ عن الصلاةِ لتحافظْ عليها في جماعةٍ حتي يكتبَ اللهُ لكَ براءتانِ مِن النارِ ومِن النفاقِ لحديثٍ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ) تبْ إلى اللهِ يا مَن أكلتَ الحقوقَ لتعقدْ هدنةً مع اللهِ لتردَّ الحقوقَ إلى أصحابِهَا قبلَ فواتِ الأوانِ قبلَ أنْ يأتيَ يومٌ وتقولُ ربِّي أرجعونِي، تبْ إلى اللهِ يا مَن ضيعتَ القرآنَ لتداومْ على قرأتِهِ في رمضانَ وبعدَ رمضانَ، فرصةٌ لنعلنَ كلمةَ التوحيدِ للهِ ربِّ الأرضِ والسماءِ. نفتحُ صفحةً بيضاءَ مع الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلم بطاعتهِ فيمَا أمرَ واجتنابِ ما نهَى عنهُ وزجرَ.
أخي الحبيب :هل أحسستَ يومًا أنَّ الأرضَ قد ضاقتْ عليك بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُكَ .. وانتابَكَ الهمُّ والحزنُ والعجزُ والكسلُ، فلمْ تدرِ أين المفر؟ هل ساءتْ علاقتُكَ بمَن حولكَ مِن أقاربِكَ وأصحابِكَ وأهلِكَ وجيرانِكَ؟ هل تشعرُ بعدمِ البركةِ في حياتِكَ أو في مالِكَ أو في وقتِكَ أو في تدبيرِ معيشتِكَ؟ هل لاحظتَ ما يصيبُنَا هذه الأيام -أفرادًا ودولًا- مِن مصائبَ وكوارثَ، وأمراضٍ وحروبٍ، وزلازلَ وفيضاناتٍ، وكرباتٍ وابتلاءاتٍ؟ مهلًا يا صاحبَ الذنبِ الثقيلِ – هذه بعضُ آثارِ الذنوبِ والمعاصِي.
وصلحٌ مع الناسِ: وهي الاعترافُ لأصحابِ الحقوقِ بحقوقهِنَّ … صلحٌ مع الناسِ بفتحِ صفحةٍ بيضاءَ مع الوالدينِ والأقاربِ، والأرحامِ والزوجةِ والأولادِ بالبرِّ والصلةِ.
صلةُ الأرحامِ التي قطعناهَا هل وصلنَا قبلَ رمضانَ ؟ صلةُ الأرحامِ تشتكِي حالَهَا إلى الكبيرِ المتعالِ، صلةُ الأرحامِ التي قالِ اللهُ لهَا ألَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَذَاكِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }هل تصالحنَا قبلَ رمضانَ مع الأخواتِ مع الإخوانِ مع الأحبابِ؟ هل عقدتَ صلحًا مع الزوجةِ والأولادِ في المنزلِ لتصفيةِ الخلافاتِ بينكِ وبينَ زوجتِكِ وبينِكِ وبينَ أولادِكَ مِن أجلِ تهيئةِ بيوتٍ رمضانيةٍ إيمانيةٍ { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا) فاعقدْ اجتماعًا طارئًا لحلِّ النزاعِ وللاتفاقِ على المبادئِ التي تسيرُ عليها في رمضانَ مِن غلقٍ للتلفازِ فيمَا يغضبُ اللهَ ومِن قراءةٍ للقرآنِ، ومِن محافظةٍ على الصلاةِ .
تابع /خطبة الجمعة القادمة بعنوان : يوم الشهيد وتاريخ الشهداء العظام
هل ابتعدنَا عن الحقدِ والبغضاءِ هل ابتعدنَا عن الغيبةِ والنميمةِ قال البخاريُّ : ما اغتبتُ مسلمًا منذُ احتلمتُ. صلحٌ مع الناسِ بفتحِ صفحةٍ بيضاءَ مع المجتمعِ الذي تعيشُ فيهِ حتى تكونَ عبدًا صالحًا ونافعًا، فعن عبدِ اللهِ بن عمرَ رضي اللهُ عنهما أنَّ رجلًا جاءَ إلى رسولِ اللهِ ﷺ فقالَ: يا رسولَ اللهِ أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعًا ، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا)) رواه الطبراني بسند حسن
صلحٌ مع النفسِ: قُلْ لها يا نفسُ انتهَي عامٌ مِن عمرِكِ قرّبَكِ إلى القبرِ عامًا وباعدَكِ عن الدنيا عامًا فهل فكرتِ في هذا؟ يا نفسُ إنَّ العمرَ هو بضاعتِي إذا ضاعَ عُمرِي ضاعَ رأسُ مالِي ولا أربحُ أبدًا ..يا نفسُ اعملِي قبلَ أنْ لا تعملِي وحاسبِي قبلَ أنْ لا تحاسبِي.
صلحٌ مع النفسِ العينُ لا تنظرُ إلى الحرامِ، الرجلُ لا تمشِي بها إلى الحرامِ؛ لأنَّ الجوارحَ ستشهدُ عليكَ يومَ القيامةِ (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (25) }
أبتْ نفسِي تتوبّ فما احتيالِي*** إذا برزَ العبادُ لذي الجلالِ
وقامُوا مِن قبورِهم سكارَى ***بأوزارٍ كأمثالِ الجبالِ
وقد مدَّ الصراطُ لكي يجوزُوا ***فمنهم مَن يُكبُّ على الشمالِ
ومنهم مَن يسيرُ لدارٍ عدنٍ ***تلقاهُ العرائسُ بالغوالِي
يقولُ لهُ المهيمنُ يا وليِّي ***غفرتُ لكَ الذنوبَ فلا تُبالِي
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف